تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.
بعد الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على اشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والاخرين على الله ولا فخر , نتكلم بمشيئة الله تعالى فى هذا البحث عن دولة من دول المشرق الاسلامى فى عهد الدولة العباسية ألا وهى الدولة الطاهرية.
طاهر بن الحسين
طلحة بن طاهر
عبدالله بن طاهر
طاهر (الثانى)
محمد بن طاهر الثانى
طاهر الثالث.
ومن اوائل هذه الدول دولة طاهر بن الحسين كبير قادة المأمون بن هارون الرشيد وكان له الفضل الكبير فى تولى المأمون الخلافة حيث قتل قائد الخليفة الامين عام 195هـ وهو على بن عيسى ثم حاصر اخوه الامين فى بغداد ولما علم بان الخليفة الامين سيلتجأ الى القائد الاخر لجيش المأمون (هرثمة ) لانه عربى اخد مجموعه واستقبل هو الأمين وقتله ليستحوذ على اكبر نصيب ومكسب فى هذه الحرب.
لما توفى عبدالله خلفة ابنه طاهر بن عبدالله بن طاهر بن الحسين (طاهر الثانى)، لم يكن الطاهريون من بعد ابيهم لديهم الرغبه فى الاستقلال التام عن الدولة وكذلك الخلافة العباسية لم تريد استرداد الاراضى التى تسيطر عليها الطاهريون.
نعلم جميعاً أن الدولة العباسية فى التاريخ تنقسم إلى أربعة عصور وعندما نتكلم عن انقسامات ودويلات مستقلة فى الشرق فإننا نستبعد العصر الاول الذى هو اقوى عصر فى الدولة ولأن الانقسامات تعنى الضعف وافلات السيطرة على زمام الدولة.
إذا موضوع بحثنا هو العصر
الثانى تحديداً من عصر الدولة العباسية (232هـ - 656هـ) حيث أن بداية من هذا العصر أصبحت ظاهرة الدول المستقلة تصبح فى المشرق أيضا ولم تقتصر على المغرب فقط كما
الحال فى العصر الأول وسنتناول الموضوع من بدايته وسبب قيامها فى هذه المنطقة ومن
وضع حجر الأساس وعلاقتها بالخلافة العباسية هل كان استقلال تام عنها كما الحال فى
دول المغرب أم كان استقلال جزئى؟.
نستعين فى بحثنا بمصادر مهمة من مصادر التاريخ الاسلامى التى لا يستطيع أحد تجاهلها وهو بصدد الحديث عن خلافة اسلامية استمرت مدتها حوالى خمسمائة عام من عمر الاسلام وعن دولة استمرت قرابة الربع قرن من الزمن.
نبدأ وبالله التوفيق ..
تسبب ضعف الخلفاء وزيادة نفوذ الأتراك فى
نشأة دول مستقلة فى المشرق الإسلامى فكان كل قائد تركى ينتزع من الدولة قطعة
وينفرد بحكمها عن الخلافة وقيل بسبب استياء العناصر التى فقدت نفوذها فى الدولة
العباسية من العصر الثانى كالعرب والفرس وإذا نظرنا نجد ان الدولة العباسية لم
تستطع ارضاء العرب ولا الفرس حيث ان العرب لم يرضوا بسبب مزاحمة الفرس والترك لهم
فى شؤون الحكم والسياسة التى كانت قاصرة عليهم طوال حكم الدولة الأموية.
وأيضاً لم يرضى الفرس الذين
كانوا يطمعون فى اكثر من ذلك حيث انهم يرون انهم هم السبب الأساسى فى وصول
العباسيين للحكم وكانوا يتوقعون مشاركة فى الحكم اكبر كذلك لم يرضوا بسبب تعامل
العباسيين مع قادتهم ونكبتهم لهم كما حدث مع ابو مسلم الخرسانى وكما حدث مع اسرة
البرامكة ومن بعدهم بنى سهل.
لذلك كانت هاتين القوتين (
العرب – الفرس ) غير راضيين عن الخلافة العباسية وعبروا عن عدم رضاهم هذا بثورات
عديدة فى العصر العباسي الاول لكن لم يكتب النجاح لأى منها بسبب قوة الخلافة فى
هذا الوقت ولكن عندما بدأ الضعف بدأ يظهر مانحن بصدد الكلام عنه (الدويلات
المستقلة فى المشرق).
تميزت هذه الدول المستقلة
الجديدة بولائها للخلافة العباسية ومباركتهم لقيامتها والدعاء للخليفة على المنابر
وكل ذلك لم يكن يحدث فى المغرب الذى بارز الخلافة العباسية بالعداء والحروب.
وكان اعتراف هذه الدول الروحى
بالخلافة قد قابله اعتراف من الخلافة بهذه الدول وهذا من حسن سياسة الدولة
العباسية اذ ان بسبب اعترافها بهذه الدول استفادت اقصى استفادة وهى ان ثبتت حكمها
لمنتصف القرن السابع الهجرى وتأخر سقوطها كثيراً برغم الضعف الذى حل بها.
نستطيع ايضاً أن نفسر ضعف الولاه واستبداد العنصر التركى بالحكم والتحكم فى مقاليد الامور بالنصر لحال الترك قديماً فى الدولة الاموية وحديثا فى العباسية نجد ان العباسيين اكثروا منهم فى الجيش والحراسة لما امتاز به العنصر التركى من قوة وفروسية وشجاعة مما جعلهم قوة منافسة للفرس والعرب غير ان هذه القوة محل اهتمام واعتناء من الخلفاء وكانوا يستعملونهم على الولايات والامصار مما تسبب فى تسلطهم على الحكم والذى ادى لضعف الدولة وظهور الدويلات المستقلة.
استقلت فى بلاد الشرق دويلات عديدة منها من كان
عربى ومنها من كان فارسى ومنها من كان تركى
فالدول التى استقلت فى الشرق وكانت عربية
( الدولة الحمدانية - الدولة
المرادسية – الدولة العقيلية )
والدول التى استقلت وكانت فارسية
( الطاهرية – الصفارية – السامانية – البويهية )
والدول التى استقلت وكانت تركية
( الغزنوية – السلجوقية – الخوارزمية – الغورية – دلهى )
ولان المقام لا يتسع فنكتفى من قطف
زهره واحده من البستان ولتكون هى الدولة الطاهرية
محل بحثنا وموضع اهتمامنا فى هذه الصفحات القادمة.
منذ دخول الاسلام لبلاد فارس عقب فتحها اخذت البلاد تتحول ثقافتها للثقافة الاسلامية وخصوصا بعد دخول اهالى هذه البلاد فى الاسلام وسماهم المسلمين ( موالى ) وكان نشاطهم فى ازدياد غير ان فى عهد الامويين كانوا يلاقون بعض التعسف معهم بسبب اصلهم الغير عربى مما جعل نشاطهم السياسى يبدأ ويقفون مع العباسيين فى دعوتهم بسبب اضطهادهم الى ان حل عام 132 هـ وتولى العباسيين اخلافى وشعر الفرس انهم من اقوى الاسباب فى ذلك ومن قبل ذلك كانت ثوراتهم على الامويين شاهدا ودليلا على ان هذا الكيان سيصبح ذات شأن وسيحتل مكان كبير فى التاريخ الاسلامى.
وبرغم اغداق العباسيين عليهم فى العصر الاول الا اننا نجد ان الفرس بقوميتهم استطاعوا الاستقلال بدول عن الخلافه لتعبر عن نفسها تعبيرا قومياً.
ولما جلس المأمون على كرسى الخلافة ولاه على الجزيرة و أوسد اليه امر
الشرطة وسمَاه ذا اليمينين.
لم يقبل المأمون طلب طاهر فى اسناد اليه امر خرسان خوفا من ان يستقل بها
حيث ان المأمون اعلم الناس بقائد جيشة وما يتمتع به من تطلع للحكم وطموح ولما له
من شعبيه هناك فى هذه البلاد.
لم يرض طاهر بن الحسين بهذه المكانه واستاء من الخليفة الى ان اسند اليه امر خرسان
عن طريق انفاقه بالمال على احد وزراء الخليفة الذى ضمن للخليفة عدم استقلال طاهر
بهذه البلاد.
فوثق الخليفة فى قول وزيره وتولى طاهر خرسان واتخد من نيسابور عاصمة ومقر
لحكمه وعمل على توطيد حكمة وتقويتة كان ذلك عام ( 205هـ - 820مـ ) بعدها بعامين
اسقط طاهر اسم الخليفة المأمون من الخطبة على المنبر فى دلاله واضحة على نيته
بالاستقلال عن الخلافة
غير انه من الغريب ان القائد طاهر توفى فى هذه الليله التى خطب فيها ورفع
اسم الخليفة!
قيل ان المرض والحمّى هما سبب الوفاه وقيل ان المأمون قد ارسل معه لخرسان جارية وقال
لها ان رأت منه غدر او نية لاستقلال بالولاية تقوم بتسميمه بالسم الذى اعطاه لها .
لما علم الخليفة المأمون أولاً
بما فعلة طاهر فى الخطبة قرر ارسال له الوزير الذى ضمنه ولكن عندما علم بعدها
بوفاته استقر رأية على تورية ابنه وبذلك نرى توتر العلاقات بين طاهر والمأمون فى
فترة حكمة لدولتة
وقيل ان طاهر بن الحسين لم يكن اول والى للطاهرين على حرسان فقد استعمل مصعب جد طاهر لولاية بوشنج ثم خلفة ابنه الحسين ثم حفيده طاهر.
ومن مظاهر انسجام الدولة مع الخلافة استعانة الخلافة بالطاهريين للقضاء على التمرد فى جبال طبرستان ضد المعتصم ودفعهم الضرائب للدولة العباسية فى معادها والتى وصلت فى عام 221هـ - 836م لمبلغ 38مليون درهم.
ثم لما نجحت جنود الخلافة فى استخلاصه من الأسر وذهبوا به للخليفة عينة
الخليفة رئيساً لشرطة بغداد تقديرًا لجهود دولته وإخلاصهم للخلافة.
وفى المجمل العام كانت دولة الطاهريين دولة صالحة تعتنى بأمور رعاياها وكانت نيسابور مركز للثقافة الاسلامية ولكن هذه سنة الله فى أرضه وهذا ما قاله المؤرخ العظيم بن خلدون فى مقدمته إذ شبّه الدول بالانسان يبدأ وليدا ضعيفا ثم يقوى ثم يصل لذروة قوتة ثم يبداء الضعف الذى بسببه تسقط الدولة ويقوم على انقاضها دولة اخري.
كان الطاهريون ارستقراطيون وبنفس الوقت كانوا الممثلين الرسميين للدولة العباسية وان خير وصف لحكمهم هو (الاستبداد المهذب) فبرغم ميلهم للاستقلال التام وتبعيتهم فى نفس الوقت للدولة لم يغفلوا العامة ولم يهملوا امرهم.
المسالك والممالك: ابوالقاسم عبيد الله بن عبدالله.
تاريخ الدول المستقلة فى المشرق عن الخلافة العباسية: عطية القوصى.
دراسات فى العصور العباسية المتأخرة: عبدالعزيز الدورى.
أطلس التاريخ العربى الاسلامى: شوقى أبوخليل.
تم بحمد الله
ما اجمل تاريخنا الإسلامي
ردحذفعظمة مفرطة ❤️❤️
حذف