الحسن بن الهيثم


الحسن بن الهيثم

هو الحسن بن علي بن الحسن بن الهيثم ولد في البصرة 354هـ/ 965م وتوفي في القاهرة 430هـ/1038م حيث عاش فيها مجده الذهبي، كما احتل فيها مكانة عظيمة في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله.


يعد ابن الهيثم من أعاظم رموز العلم في الحضارة الإسلامية، وكأن العناية الإلهية شاءت له أن يولد في أزهى عصورها وذروة تفوقها، وحسبه مكانة في التاريخ أنه رائد علمي الفيزياء والبصريات، ومن المؤمنين بالعلم التجريبي والتسليم بالبرهان النظري الصحيح.


ومن آيات نبوغه العلمي ابتداعه طريقة فلكية يمكن عن طريقها تعيين ارتفاع القطب عند أي مكان وبالتالي معرفة خط عرض ذلك المكان، وهذه الطريقة لا تزال مستخدمة إلى وقتنا الحاضر.


كما تتجلى عبقريته في دراساته وبحوثه غير المسبوقة في علم الضوء، وتمكن بواسع علمه وثاقب بصره أن يضع حجر الأساس لهذا العلم ليبني عليه علماء العلم الحديث صرحه الشامخ وكتابه المناظر الذي ترجم إلى اللاتينيـة ينهض دليلاً قوياً على ريادته في هذا المضمار، حيث تناول فيه مسائل رئيسية في انعكاس الأشعة وانكسارها ومن ثم تأثيرها، هذا وقد درس ابن الهيثم تركيب العين، وقد ارجع الرؤية بالعين إلى انعكاس الضوء من الجسم إليها، وليس كما كان يعتقد قبلاً من العين إلى الجسم، وإلى جانب ذلك فقد توصل ابن الهيثم إلى وضع قوانين صحيحة لمساحات الكرة والهرم، والاسطوانة المائلة، والقطعة الدائرية، كذلك هو أول من فسر ظواهر طبيعية عديدة منها قوس قزح، والزيادة الظاهرية في قطر الشمس والقمر عند الأفق، والكسوف والخسوف وعلم الظل، وصقل العدسات المقعرة والمحدبة، وظواهر الشفق، وألوان الطيف، ويضاف إلى هذا كله أبحاثه العلمية الرائدة في مجال الرياضيات والفلك، والطب، والتشريح، وبخاصة العين.


وحسبنا أن عددا لا يحصى من علماء الخافقين في المشرق والمغرب، والذين نهلوا من بحار العلوم الإسلامية وكنوز حكمتها، يدينون بالفضل لابن الهيثم في ميدان علم البصريات، وبعظمة إبداعه العلمي في شتى فروع المعرفة، التي شكلت رافدا من أهم روافد الحضارة الإنسانية على مر العصور، ويكفيه فخرا أن لكتابه المناظر فضلاً كبيراً على تشكيل العقل العلمي لنابغة عصر النهضة – ليوناردو دافينتشيوحسب ابن الهيثم كذلك ريادة وأسبقية علمية أنه أول من فكر في بناء السد العالي في مكانه بأسوان.


هذا وقد ترك لنا ابن الهيثم آثارا علمية باقية ما زالت وستبقى خير شاهد على عظمة الحضارة الإسلامية ومكانتها المميزة بين الحضارات الأخرى، ولعل من أهم هذه الكتب: كتاب المناظر، وكتاب الجامع في أصول الحساب، وكتاب رؤية الكواكب، وكتاب في هيئة العالم، وكتاب المختصر في علم هندسة اقليدس، الخ هذا وقد ذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه عيون الأنباء في طبقات الأطباء مائتي مؤلف لابن الهيثم، لكن المعروف منها لا يتجاوز الخمسين كتابا.


ولا غرو بعد هذا كله أن يكون ابن الهيـثم مـن مصابيح حضارتنا الخالدة التي استضاءت البشرية بأنوارها في زمانه، والباقية جذوتها حية متجددة في ضمير العلم والعلماء في كل الأزمنة.



تم بحمد الله

محمد عبدالغفار بدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة الوطاسية (الوطاسيون) || تلخيص من كتاب: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى لشهاب الدين السلاوي

تاريخ الأسكندرية وحضارتها فى العصر الإسلامي حتى الفتح العثماني || تلخيص لكتاب الدكتور السيد عبدالعزيز سالم

تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.