صُلح الحديبية | سياسّياً


صُلح الحديبية | سياسّياً

لقد كان فى صُلح الحُديْبية مصلحة كبيرة للجانب الإسلامى.


فقد كان ينص الصلح على هدنة مدتها ١٠ سنوات، اتاحت هذه الفترة للدعوة الإسلامية فرصه لكى تمارس انتشارها وتوسعها وممارسة دعوتها، أيضا كان بعد غزوة الأحزاب وبعد أن لقّن الرسول صلى الله عليه وسلم الأحزاب درساً وعاقبهم علي مافعلوة وقضى على العدو الداخلى فى المدينة أصبح لدى المسلمين "عدو خارجى" ينقسم إلى (١) يهود خيبر فى الشمال (٢) قريش فى الجنوب. 


وكان من الصعب القتال على جبهتين وتقسيم جيش المسلمين ولكن عندما يعقد المسلمون اتفاقا ومعاهدة وصلح مع قريش أعداء الجنوب يكون أمامهم فرصه لقتال أعداء الشمال.

- نصّت المعاهدة على أن من يأتى للمسلمين من اليهود معلناً إسلامة يردّه المسلمين، وهو الشرط الذى أغضب عدد من الصحابة وحسبوا انه ضعف وخنوع ومن أشهر المعترضين هو الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 

ولكن فى الحقيقة هذا الشرط فى مصلحة المسلمين فمن الضرورى وجود عيون للمسلمين فى مكة يخبرونهم بما يدور فيها، ويحذروهم ان ارادت قريش الغدر ونقض الصُلح، ووجود المسلمين فى قريش يتيح لهم أيضاً دعوة أقاربهم ومعارفهم كما بدأت الدعوة فى الفترة السريّة. وهذا ما لم تعيه قريش! فقد ربّت فى حِجرها عوامل سقوطها.

أما المسلمين فقد وافقوا على ان من يرتد منهم يردوه إلى قريش فنحن المسلمين نكرهه ان يكون بيننا عيوناً لهم وأصلاً نحن فى غنى عن المرتدين، حيث لو بقوا ولم يذهبوا لقريش لكان مصيرهم القتل (حد الردّة).


وكانت من نتائج هذا البند أن خرج مجموعة ممن اسلموا من قريش ولم يمكنهم الرسول باللجوء للمدينة احتراما للمعاهدة فشكلوا مجموعة قوامها ٧٠ محارباً واجتمعوا عن ساحل البحر بين مكة والمدينة وكانوا يهاجمون قوافل قريش التجارية ويأخذون من البعير ما وجدوه فيها حتى ضاقت قريش بهم زرعا وكتبت الى الرسول صلى الله عليه وسلم ترجوه ان يأويهم عنده فى المدينه فاستجاب الرسول وسقط هذا البند من المعاهدة.


لم يكن هذا البند فى المصالحة ليمنع الرسول من حماية النساء، فلم يتخلّى الرسول عن "أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط" عندما خرجت من مكة مسلمة والتحقت بالمدينه جاء اخوها "عمارة" يطلب من الرسول ردها كما نص صلح الحديبية فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك.


- كان هذا الصُلح اعترافا صريحا من المشركين بقوة المسلمين، حيث أنه من غير المعقول ان تجلس قريش مع من الضعفاء ومن تستطيع القضاء عليهم، فمعنى الجلوس على طاولة المصالحة هو تكافؤ نسبى فى القوة والبأس.


- أما أداء فريضة العُمرة، فتأجّلت عام واحد ولم تُلغى، بل تأجلت مقابل كل هذة المكاسب المٌحققة.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة الوطاسية (الوطاسيون) || تلخيص من كتاب: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى لشهاب الدين السلاوي

تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.

تاريخ الأسكندرية وحضارتها فى العصر الإسلامي حتى الفتح العثماني || تلخيص لكتاب الدكتور السيد عبدالعزيز سالم