تعليقًا على فيلم (يوم وليلة)
للعالمي خالد النبوي وأحمد الفيشاوي والفنانة دُرَّة.
بالمقال حرق لأحداث الفيلم لذلك وجب التنبية.
أولًا: عرض لشخصيات الفيلم.
يعمل البطل (خالد النبوي) بوظيفة “أمين شُرطة” بإحد أقسام الشرطة في المناطق الشعبية وعلى الرغم من نفوذة (على أهالي تلك المنطقة) إلا أنه يعيشُ حياة صعبة فيما يتعلق بطفلته التي هي من أصحاب متلازمة داون مما يجعل اندماجها في هذا المجتمع يشوبه الكثير من المخاطر، وزوجته المتوفية.
يُجّند البطل مخبرين يأتون له بالمعلومات ويُملي عليهم أهداف كُل مهمة، ففي الموالد يستهدف البلطجية، وفي المواسم يعفو عن المتحرشين، وكذلك لكل فترة استهدافها. كما يتعاون مع بلطجية ويساعدهم في تسيير مهامهم وقابل الحصول على نسبة من أرباحهم، ولكنه كان يُضحَّي بهم إذا استفحل أمرهم ويأتي بمن ينوبون عنهم، وهذا التخوين متبادل بين الأمين والبلطجية فهم أيضاً يدبرون له ليوقعوا به.
ثم تأتي دُرَّة التي تعمل “ممرضة” والتي تتقاعس عن عملها بحجة كثرة المرضة، وتأخذ الرشاوي من ذوي المرضى مقابل عمل اللازم، كما ظهرت تلك الممرضة بصورة المرأة التي تفرّط في شرفها مقابل الأموال حيث تواعِد دكتور المشفى، كما تساعد في تهريب بعض الأدوية المحظور تداولها في السوق وتتقاسم الربح مع زميلاتها. تواجهة تلك الممرضة مشاكل كثيرة حيثُ تعيش مع أخيها وزوجته في بيتها وما يصاحب ذلك من مشكلات مع زوجة أخيها وعِراك بين أطفالهم ومشاكل أُخرى تتعلق بطلاقها من زوجها وإنفاقها على أولادها، كذلك التحرش التي واجهه من أحد بلطجية منطقة سكنها.
يـأتي دور المواطن “المسيحي” الذي يعمل كمُدرِّس في مدرسة حكومية، وما يتعرض له من اضطهاد بسبب دينه، فهو المظلوم بسبب ذلك والظالم بسبب الدروس الخصوصية وتعامله مع الطلاب بعنفٍ شديد وكأنه يُخرج الكبت ويُنفّثُ عن نفسه بضربهم، كذلك الشُح والبُخل حتى على اخته وأُمه. وقبل الحديث عن أخته وأخيه أقول أن أُمة هي نفس المريضة التى تقوم على خدمتها الممرضة سالفة الذكر، وٌتأخذ من اخته (إكرامية).
أما عن أخته “الموظفة” في مصلحة حكومية والتي تأخذ الرشوة من المواطنين مقابل إنجاز مصالحهم فهي تُعاني من مشكلة الإضطهاد التي يعاني منها أخيها كما تعاني من مشكلة يعاني منها بعض المسيحيين بسبب قوانين الطلاق، فهي لا تريد أن تكمل حياتها مع زوجها، وتُحب زميل لها في الوظيفة ولا تستطيع الزواج منه بسبب تلك القوانين الخاصة بالكنيسة.
وأما عن أخية “الطالب” المسيحي الذي أكّد المؤلف من خلال دور هذا الطالب على الإضطهاد الواقع على مسيحي مصر، فالطالب هذا يُحب صديقته المسلمة وهي تحبة (والتي بالمناسبة هي أُخت أمين الشرطة) ولكن علاقة هذا المسيحي محكوم عليها من خلال الدين المسيحي والإسلامي ومن خلال المجتمع والأهل بالفشل. والحل بالنسبة للشاب هو الهروب من هذا المجتمع فينصح حبيبته بالهروب معه، وينصح أخته بتغيير الملة لتستطيع تخليص نفسها من زوجها، ويتهم معتقدة بالسلبية وعدم الإنصاف.
لم ينسى المؤلف تيار المسلميين المتشددين أو قل إن شئت: “المسلمين المتطرفين”. فظهر الشخص الملتحي والذي يعمل في نفس المدرسة التي يعمل فيها المُدرَّس المسيحي، وكان هذا الملتحي كثير الإضطهاد حيث أن التطرف وصل مداه إلى أنه لا يشرب في نفس الإناء الذي يشرب منه المسيحيين!. ولكن هذا المدرس (الجاهل) يتعرض أيضًا للإضهاد من العامة، فظهروا يخافون منه ويصفونه بالإرهابي!.
ثانياً: التعليق.
لم يحُل المؤلف أيّـًا من تلك المشاكل ولا حتى أشار لمخرج لأي من الأطراف المتضررة! وهو بذلك يكونُ جزءًا من المشكلة، فما الفائدة من إظهار الظاهر وإثبات المُثبَب. وهي مشكلة الكثير من الأفلام المصرية، يحسب المؤلف أن لدية عينان تختلفان عن عيون الكل ثم بعد ذلك يُرينا ما نراهُ. فإين الإختلاف إذًا؟
ساعد المؤلف من تعقيد بعض المُشكلات بإظهاره للسلبي فقط فيما يتعلق بأصحاب تلك المِهن، فلم يأتي مثلا بمُمرضة شريفة تنصح تلك التي ترتكب المخالفات. بل وخلط معنى المشكلة بمعنى الإشكالية، فالمشاكل لها حلول (لم يأتي بها ولكن لها حلول) أما الإشكاليات فليس لها حل، فإن كان المسيحي متمسك بـ دينه والمسلمة متمسكة بـ دينها ودعوة أحدهما لترك دينه هو أمر غير محمود (سنيمائيًا) وبالتالى تصبح هذه إشكالية ومن المغالطة عرضها مع مشاكل اجتماعية تحدث في كل المجتمعات بنسب متفاوته؟!.
من الإيجابيات التى تظهر جليًّا للمُدقق هي الإشارة إلى ترابط المجتمع المصري فأمين الشرطة نربطة اخته بالمسيحي واخته واخيه، واخت المسيحي تربطها أمها بالممرضة، وتلك الممرضة أيضا يربطها بأمين الشرطة أمه المريضةو هكذا كل طوائف المجتمع، فما إن ارتكب المواطن المصري مخالفه إلا وعادت عليه هو نفسه بالضرر لما بين هذا المجتمع من ترابط شديد.
أخطر ما أراه في هذا الفيلم هو مشاهد الأطفال التي تخرج من بيوت أبطال الفليم لعدم مناسبة البيئة لحالهم ويتجهون للشارع، في إشارة لمشكلة أطفال الشوارع، وبرغم عدم إفراد مشاهد أكثر وضوحًا لهذه المشكلة إلا أنني أراها هي المشكلة الأعظم .. فإن كُنَّا فقدنا الأمل في الموجود فلابُد أن نتدارك النشئ ونساهم في إصلاح ما أفسده من قبلنا وأفسدناه.
تعليقات
إرسال تعليق