الله الطبيب || نظرة مُختلفة
يقول الله جل جلاله في الحديث القدسي: "... أهل ذكري أهل مجالستي، من أراد أن يُجالسني فليذكرني. أهل طاعتي أهل محبتي. وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أبَوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، أقول له: أين تذهب؟ ألك رب سواي!".
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم افتح بيني وبين قومي بالحق وأنت خير الفاتحين، اللهم اشرح صدري، ويسِّر أمري، واحلل عقدة من لساني.
إنه من المُسَلَّم به لدينا كبشر عامة، وكمسلمين خاصة، أن الله الخالق هو المستحق للعبادة، هو القوي، هو المتين، له الخلق وله الأمر، ينفِّذ مشيئته على سبيل الإجبار في كل المخلوقات.
ولكن... مَن مِنَّا ينظُرُ إليه نظرة المريض للطبيب؟! مَن يحتاجه احتياج السقيم للدواء؟!.
لقد نظرنا إلى الله من جانبٍ ضيِّق، وقع بصرُنا على بعض أسمائه واعتقدناها الكُل! سمعنا عنه أكثر مما سمعنا منه! جعلنا بيننا وبينه وسطاء كان من مصلحتهم أن يدخلوا لنا من طريق الترهيب!.
في جوٍّ مليء بالضيق والنكد وما يطلق عليه من غير المتخصصين "مرض نفسي" وفي الحقيقة هو "مرض قلبي". أردتُ أن أقول أن الطبيب هو الله.
تشعر بضيقٍ واكتئابٍ، فتذهبُ للطبيب الخاطئ، فيتم تشخيص مرضك تشخيصًا خاطئًا، فتذهب لتأخُذُ دواءًا خاطئ، فيزيدُ هَمَّك، ويزدادُ تعبك، وتظل في تلك الدائرة.
- يُصيبك بعض الأمور الطبيعية في الحياة من (ضيقٍ في الرزق - عدم توفيقٍ في الدراسة - قلة في الأولاد - مشاكل مع الأهل - حرب وتنافس من الموظفين أو المديرين في العمل...إلخ).
فتعتقد خطئاً أن هذه الأسباب هي الأسباب الحقيقية، فتتجه لأخذ علاج خاطئ (أخذ الرِشوة أو البيع بالأنواع المحرمة من البيوع - الغش في الإمتحانات لإجتيازها - الضجر والقنوط من قدر الله - الفتنة والوصول لأعلى المناصب بالحيلة والتحايل).
فتُعالج المرض -الظاهري- ولكن تجد نفسك مازلت في همٍّ وغمٍّ! لماذا؟ وكيف؟ ألم أُشخِّص المرض؟ ألم أُعالجه؟!.
تجهلُ طبيعة كونك إنسان له فِطرة، تتعامل مع روحك ويكأنها مادة، وفي الواقع هي مجبولة على أن تتغذى غذاءاً خاصًّا، لترتاح من تعبها، وتكُف عن التنغيص لحياة صاحبها.
اذهب إلي طبيبك؛ فهو يملك علاج مرضُ قلبك، وقد عرض لك تشخيص لسبب المرض في كتابه الكريم فقال: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى" [سورة طه: الآية 124] وقال: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين" [سورة الزخرف: الآية 36].
لك أن تتخيل حياة الشيطان مُشارك فيها! تخيل أن يكون قرينك -وليعاذ بالله- شيطان! هل تنتظر سعادة أو راحة في حياة كتلك؟.
وكما قال طبيبك المرض، ذكر لك العلاج في كتابه العزيز فقال: "... ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب" [سورة الرعد: الآية 28]، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم واصفًا العلاج لبعض من طلبوه فقال: "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله".
إن الصانع هو أعلم الناس بصنعته، وهو أفضل من يكتب دليل الإستخدام الصحيح لما صنعهُ. فإنك بمُجرد أن تشتري شيئًا وأنت لا تعلم عنه ولا تعرف استخدامه فإنك تقرأ "الكتالوج" الخاص به، وإذا خرب منك شيئًا ولا تعرف إصلاحة فإنك تلجأ لقراءة دليل استخدامه علك تجد علاجه وطريقة إصلاحه.
وقلبك هو صناعة الله، والله هو وحده الذي سيُصلحه بعد خرابه، فلُذ به، ولجأ إلي ركنه، امكث على بابه، لا تملّ الطرق، فمن أدمن قرع الأبواب أُوشِك أن يُفتح له. والسلام.
تعليقات
إرسال تعليق