المسكُوتُ عنهُ قصدًا !.

المسكُوتُ عنهُ قصدًا !.

مساءٌ الخير.. في  هذا المقال ستجدُ معلومة مصحوبة بحكاية وملحوظة مصحوبة بفائدتين، وتوصية من جملة واحدة! فتابع...


في  سنة ٢٠١٣م التحقتُ بكلية الدعوة الإسلامية -مع أنها لم تكن في الخطة ولا الحُسبان نهائيًا-، إلا إنني أحببتُها لأسبابٍ عديدة من ضمنها دراسة الأديان، في السنة الأولى واإن الأزهر  يُدَرّس بخطة ومنهج علمي سليم، بدأنا بكتاب للأستاذ الدكتور عبدالله بركات اسُمُه (مدخل لدراسة الأديان) وبالتأكيد كان هناك كتب أخرى في نفس المادة لعلماء آخرين.


ولأننا وقتها كنا حديثي عهد بالعلم والدراسة -حيث أن المرحلة الثانوية اختلفت تمامًا عن المرحلة الجامعية، خاصة بالنسبة إليّ-، ذهب كلُ واحدٍ منّا -كطلاب في العام الأول بكلية الدعوة- إلى مصدرٍ أو مرجعٍ يتحسس فيه شبهة من الشبهات بهدف محاورة المسيحيين، والدخول على مجموعاتهم ومدوناتهم لنقاشهم، وأنهكنا نفسنا في جدال المسيحيين سواء أصدقائنا أو من ذهبنا لهم في مدوناتهم وصفحاتهم، وكلُ واحدٍ فينا وضعَ صورة الشيخ أحمد ديدات على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي متخذين منه القدوة ومتمنيين أن نكون مثله فى يوم من الأيام، كما يفعل مشجعي أى شيءٍ اليوم، يضعون صور من يشجعونه على الأعلام والصفحات والملابس، بل وعلى الوسادة والأوانى المخصصة للشرب وغيرها...  أتينا بفقرات وإصحاحات من الكتاب المقدس تحوي كلمات إباحية، وأخري تشير إلى العنف والدم، وكان الطرف الآخر غير مكتوف الأيدي فجاؤوا بآيات "خارج سياقها" وأحاديث "ضعيفة" واستمر الجدال بيننا كثيرًا مختلفين في كل شيء ولكن يجمعنا (الجهل) والكلام فيما لم نحط به خُبرا.


كان وقتها الكل يُشاكس ويُشاغب، ثم بعد ذلك يرجع المسلم لمسجدهِ ومشايخه ومدرسته ومصحفه ويتعلم، ويعرِفُ إن الجدال بالحسنى من الإسلام وأن الإزدراء منهى عنه بنص قرآني، كذلك المسيحي يرجع إلى كنيسته -والله اعلم ماذا يُلقَن فيها- وأحسبهم يتلقنون مبادئ التعايش والمواطنة وحب الخير للجميع كما سمعتُ من كِبارهم على شاشات التلفاز، ليس هذا موضوعنا المهم أن المسلم لم يكن يقتنع بكلام المسيحي ولا المسيحي كان يفكر في كلام المسلم!.


والآن الجدال مازال مستمر، بل وبشراسة أكبر من ذي قبل بكثير، حيث نمت أسباب الكراهية بيننا، وغذّاها متطرفوا الجانبين لِما في ذلك من مصالح خفيّة لهم، ولكن مع استمرار الجدال هناك أشياء تغيرت كثيرًا، منها أن أساتذة العقيدة عمومًا وجانب الأديان خصوصاً غير موجودين ع الساحة، والمساجد أُغلقت تارة بسبب فيروس كرورونا وتارة بسبب قرارات الوزير التى من شأنها تقييد دور المسجد وقصرة على أداء الصلوات فقط بدافع تحجيم دور الجماعات "الإرهابية"! وزاد علي تلك الأشياء عامل التربية وواجب البيت الذي انعدم -تقريبًا- فأصبح تغيير العقائد أمر سهل على النشء الجديد.


كانت هذه المعلومة والحكاية.

أما الملاحظة: فهي أننا الآن ونحن في سنة ٢٠٢٠م عندما أُناقش صديقي المسيحي ولم يكن بالطبع النقاش كالسابق، بل كان كلاما عاديّا انتهي به الحال إلى الحديث عن العقائد، فأجدُهُ يسرد لى الشُبهات فعلاً! (أي نعم كل تلك الشبهات مردود عليها من مئات السنين وفي الكتب رد منطقي ليها) ولكن الفكرة هي أن الشبهات التى تطعن فى الإسلام تُعرض عليهم ويحفظونها ويرددونها، إن لم يكن على الملأ والصفحات العامة، ففي الجلسات المغلقة وبين أصحابهم المسلمين الذين هم على الأرجح لم يُأهلوا للرد عليها، وضلّوا طريق السؤال.


فالشبهات التي من نوعية أن الرسول والزواج من أربعة (خاصة لو الحديث على العام لعلم الكثير أن هذه نقطة ضعف النساء)، والاسلام انتشر بالسيف، وشبهاتٍ أكل عليها الزمان وشرب، كل تلك الأشياء لم تكن موجودة وكنا بكامل وعينا وكانت الدعوة إلى الله سائرة بنشاط، فالآن ومع ظهور تلك الظاهرة والشبهات على العامة، أن من يتمعّر وجهه غضباً لدين الله، ويقوم بأخذ الدعوة على محمل الجد، لن يكلفه الأمر سوى استذكار ما نسااه من مناهج التعليم فى الأزهر إن كان أزهرياً.


ولكي لا أحبطكم أودُ أن أقول أن من إثارة تلك الشبهات فوائد، أذكُرُ منها اثنين:

(١) هذه الشبهات وسردها تفسح المجال للرد والبحث وفي الخطوتين فائدة.

(٢) هذه الشبهات تفتح للمسلمين مجالاً لسرد الشبهات الخاصة بالمسيحيين، لأن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وفي ذلك فائدة، حيث اننا وبدون بدأهم لنا برمي الشبهات كان من الصعب أن نتحدث فيما درسناة خشية أن يعتبرة ضعاف الفهم "إزدراءاً".


التوصية: تَعَلَم قبل أن تتكلم.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة الوطاسية (الوطاسيون) || تلخيص من كتاب: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى لشهاب الدين السلاوي

تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.

تاريخ الأسكندرية وحضارتها فى العصر الإسلامي حتى الفتح العثماني || تلخيص لكتاب الدكتور السيد عبدالعزيز سالم