الدّافِع || سلسلة "لك عزيزي الباحث" || (2)

 الحمدلله رب العالمين، القائلُ في مُحكم التنزيل: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يُرى * ثُم يُجزاهُ الجزاء الأوفى". والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.


وبعد .. أستكمل اليوم ما بدأتُهُ من كتابات أو إن شئت قُل رسائل، أوجهها لزملائى وأخواني الباحثين، أشرح لهم ما قد يكون خفي عليهم، وأؤكد عليهم ما ثبت عندهم، ولأن من تمام العمل ومن خطوات قبوله هو نشرُه وتعريفه للغير، فزكاةُ العلم نشره، ولذلك شرعتُ في كتابة هذه السلسلة.

حديثي اليوم عن أمر من أهم الأُمور، بل سر من أقوى الأسرار التي تساعد الإنسان على الإنجاز.


الدافع!


كلمة منذ الوهلة الأُولى توحي لقارئها بأنها تدفع للأمام، وهي عكس الرجوع، فالمُتعارف عندنا أن الدفع يكونُ للأمام. فهو قوة كامنة، وهو مُحرِّك، وهو استثارة داخلية، وأقول أنها "داخلية" لأُفرِّق بينها وبين الحافز، فالحافز هو استثارة خارجية "تدفعك" للفعل.


إذًا .. فالشيء "الداخلي - الخفي" الذي يجعلك تفعل الشيء هو "الدافع". وبالوقوف على تلك الحقيقة يمكننا  نجعل هذا المُحرِّك أقوى، لنُنجز أسرع، فلو شكوت تعطُل أي آلة، فأول شيء سيختبره الفنِّي هو "المتور/المُحرِّك".


أخي الباحث .. أودُّ أن أ"رح عليك سؤلًا .. لماذا بدأت رحلتك هذه؟ ما الدافعُ لديك؟.

- من أجل الحصول على فرصة عمل؟

- من أجل السفر والعمل بالخارج؟

- من أجل الترقِّي في الدرجات الوظيفية؟

- من أجل اللقب والمكانة الإجتماعية؟

- من أجل المال؟

- أم من أجـل مـاذا؟

قُل لي دافعك لأعرِف قوة المُحرِّك لديك، ومِن ثَمَّ أعرف سبب إنجازك، أو سبب تعطُّلِك.


إنني لستُ في مقام تحديد أيُّ الدوافع أقوى، فالدافعُ القوي لديك ضعيفٌ لدى غيرك، فدافع الربح وكسبُ المال قوي لدى الفقير، وضعيف لمن يملك المال. ودافع الحصول على الوظيفة يجعل العاطل ينجزُ إنجازاً أسرع وأكبر بخلاف الموظف بالفعل، فهذا الدافع لن يكون قوي له.. وهكذا.


دافعك ومحركك هو أمرٌ خاصٌ بك، وعليك اختبارُهُ الآن، فرُبما أنت تسعى بمُحرِّك ضعيف، ويكون ذلك سبب بطء حركتك وتعطل مشروعك. رُبما نصحك أحدًا من الذين أنجزوا وذكر لك الدافع الخاص به، وأنت تلقيت التجربة كاملة بدوافعها وأردتَ تطبيقها بحذافيرها، ففوجئتَ بضعف سيرك بخلاف سيره. 


استعمل المُحرِّك الخاص بك!


كُل الدوافع صالحة، وأنت الرقيبُ علي نفسك، ولكننى أريد أن أقول لك أمرًا هامًا .. أن من يسير لدُنيا يُصيبها أو من أجل أمرةٍ ينكحها لن يكون بحال من الأحوال بأسرع ممن يسير لله.


من يحمل هَم مال، وبيت، وزوجة، وأولاد يسير سريعًا، ولكن من يحمِل رسالة الإسلام والسلام، يسيرُ أسرع. ولهذا المقال مقامٌ آخر


وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه .. والسلام.


محمد عبدالغفار بدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة الوطاسية (الوطاسيون) || تلخيص من كتاب: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى لشهاب الدين السلاوي

تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.

تاريخ الأسكندرية وحضارتها فى العصر الإسلامي حتى الفتح العثماني || تلخيص لكتاب الدكتور السيد عبدالعزيز سالم