زادُ الطريق || سلسلة "لك عزيزي الباحث" || (3)

الحمدلله رب العالمين، القائل في محكم التنزيل: "عَلَّمَ الإنسان ما لم يعلم"، والصلاة السلام علي سيد الخلق أجمعين القائل في الحديث الكريم: "العلمُ بالتَّعلُّم".

أخي الباحث إن وجودك في هذا المقال يعني أنك قرأت المقالين السابقين، وتريد أن تعرف ماذا بعد الدافع، والشغف الصحي، ورُغم انشغالي بغير الكتابة إلا أنى لن أُطيق الغياب عن مُحادثتِك، حبًا ورغبة في أن أُنجِز مُهمتي، وأُبرئ ذمتي من تهمة كتمان العلم.

ولكي لا أطيل الحديث فكلامي اليوم سيكون عن الأدوات التي يجب أن تتوافر لديك قُبيل بدء رحلتك، زادُ الطريق!.
زادُ الطريق || سلسلة "لك عزيزي الباحث" || (3)

والزادُ كما نعرف يتم تحضيرُه قبل السير، وهنا في المقام هذا سأتحدث في محورين: 1- قبل بدء الدراسة (التمهيدي). قبل بدء الكتابة (الرسالة/البحث/الأطروحة).

أما قبل البدء في مرحلة التمهيدي (الدراسات العُليا) فعليك بشِراء جهاز حاسب آلي (لابتوب) يشترط فيه سعة ذاكرة التخزين (لا تقل عن 500 جيجا) - كذلك وعليك بشراء طابعة لطبع الأوراق (أبيض وأسود) - عليك أيضًا شراء أو تحميل برامج الأوفيس، ومتصفحات كالجوجل كروم، والأوبرا ميني - عليك بالذهاب لمسؤول الدراسات العليا في جامعتك والإستفسار منه عن كيفية عمل (إيميل جامعي) وهو ما يتم اتاحته للطالب من خلال جامعته فقط - عليك بالتعرف علي أشهر مواقع تحميل الكتب pdf وأشهر أماكن بيع الكتب الورقية والإشتراك في المجموعات التي تجمع من لهم نفس شغفك ويبحثون في نفس تخصصك - وأخيرًا عليك بشراء مكتب متوسط الحجم وكرسي مريح ووضعهم في مكان محدد يتسم بالهدوء فالباحث لابُد له من معسكر، وتذكر أنك لن تستطيع التنقل بأدوات بحثك كثيرًا فلابُد لك من مكان مخصص ثابت، وكلما بحثت أكثر ازدتَ حبًا لمُعتكفك، وبنيت به عوامل تجعلك قليل الحاجة للعالم خارجه.

كذلك وهناك أمرُ هام بل في غاية الأهمية، يغفل عنه نسبة كبيرة جدًا من الباحثين، وهو حضور المحاضرات. يظن البعض أنهم قد كبروا على الجلوس أمام الأساتذة والعلماء، واغتروا بعدم وجود (أعمال سنة) أو (كشف حضور وانصراف) وهو لذلك يتغيبون عن حضور المحاضرات، وذلك أمر في غاية الخطورة.

حضور المحاضرات يجعلك تتدرب علي البحث، يجعلك تنمي قدرتك علي ملاحظة الموضوعات، تعرف بالحضور كيفية التوثيق ومدارسه، والموضوعات التي يحتاج إليها العلم، كما يجعلك تميل لتخصص أدق في مجالك، فيسهل عليك اختيار موضوع أطروحتك، الحضور يجعلك تتعرف أكثر على المُعلمين والأساتذة فتعرف نظامهم وطرق بحثهم وتقف على الجديد، وتعرف أكثرهم تواجدًا في الجامعة، وأغزرهم علمًا، فذلك كله سيساعدك في اختيار مشرفك، وإنجاز مهمتك.

تلك الأشياء بالنسبة لك هي كالسماعة بالنسبة للطبيب، والمسطرة بالنسبة للمهندس، والصافِرة بالنسبة للمُدرِّب. لا تتأخر في التزود بهذا الزاد، فهو يوفر عليك الكثير من الجهد والوقت والمال، ويسهل عليك المسير. وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم اذي ذكرتُهُ في بداية المقال: العلم بالتعلم. فلا تقل لا أعلم، ولا تستصعب الأمور، فلم يُولد أحد من بطن أُمِّه باحثًا.

وأما قبل البدء في الكتابة وبعد أن عرفت واستقر قلبك وعقلك على عنوان للبحث، -والذي يشترط فيه أن تكون مُحبًا له راغبًا فيه-، استكمال القراءة بشكل أوسع، وتدوين الملاحظات - تحميل أهم المصادر والمراجع والدراسات الحديثة في موضوعك. (لا تبدأ بالكتابة قبل أن يسمح لك المشرف بذلك، فلعل عنده من المراجع ما سيساعدك كثيرًا وإنما يحجبه عنك مؤقتًا ليرى جهدك وقدرتك على البحث).

بعد مرحلة التجميع هذه، وبعد أن يعطيك مشرفك الأساسي الضوء الأخضر، ابدأ بكتابة التمهيد وفصل معين في الرسالة، واذهب بهما للمشرف لترى رأيه ولتفهم ما يريده، ولا تكن متسرعًا.

في هذه المرحلة (مرحلة كتابة البحث) مطلوب منك أيَضًا حضور المناقشات العلمية، للتعلم والإستزادة، وتجنب أخطاء الآخرين، والوقوف على آخر الدراسات والتوصيات، وأيضًا حضور تلك المناقشات دافع كبير لك، وهي تكسر رهبة الموقف.

واخيرًا فقد قرر المجلس الأعلى للجامعات في مصر قرارا اشترط فيه أن يكون الباحث حاصلًا على بعض الدورات كشرطًا من شروط التسجيل للرسالة، وبعض الدورات التدريبية كشرطًا من شروط المناقشة، لذلك فمن عُدَّتُكَ وزادك هذه الدورات فلا تتأخر، وهي مفيدة جدًا فلا تأخذها على محمل الروتين.

إلى هنا تكون قد تزودت بالزاد النافع. الآن تمتلك الدافع، والشغف الصحي، وتوافرت لديك أدوات البحث، ومعها دعواتي لك بالتوفيق والسداد.

إلى لقاء آخر في مقال جديد من هذه السلسلة، إن كان في العمر بقية، استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة الوطاسية (الوطاسيون) || تلخيص من كتاب: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى لشهاب الدين السلاوي

تاريخ الدولة الطاهرية | أول الدويلات المستقلة في الدولة العباسية.

تاريخ الأسكندرية وحضارتها فى العصر الإسلامي حتى الفتح العثماني || تلخيص لكتاب الدكتور السيد عبدالعزيز سالم